2016-03-19

وإذاعلمت بنتًا فقد علمت أمّـة










لوحة : القارئة - 1910 للفنان الإنجليزي هارولد نايت




"إن أفضل صنيع ممكن أن تقدمه لشخص تُحبه ويهمك أمره هو أن تنقل إليه حب القراءة" 




فاجأتني نتيجة سؤال قرأته في تويتر قام بالمشاركة به أكثر من ٣٠،٠٠٠ معرّف..
كان السؤال كم كتابًا تقرأ في الشهر ؟
ولأننا في "تويتر" ذلك الموقع الذي يجمع أبناء جيل ينادي بالإصلاح، والذي أقام الثورات عبر "ضغطة زر" 
الشباب الذي يثور ويتضامن من أجل صورة أو مقطع نُشر ليأتي رد المسؤولين سريعاً بتغيير أو إصلاح ممكن..
 لأنه هذا الجيل توقعت أن تكون الإجابة محفزة.. 
لكن الدهشة كانت في النتيجة بأن ٦٠ ٪‏ لا يقرؤون  بينما توزع الباقي على كتاب والآخر أكثر من كتاب في الشهر ..
ستين بالمئة لا يقرؤون إطلاقاً !!!

يبدوا أن الفجوة عميقة هنا لأن "60" كثير!

 ربما تويتر ليس بمصدر لإحصائية كهذه .. _أو أي إحصائية من الأساس_
لكن نظرة سريعة على أوساط الشباب من بنات و أولاد في مجتمعنا، تبين مدى صحة هذه الإحصائية 

 في كل مرة أود أن أتحدث فيها مع صديقاتي عن كتاب ما، فجأة يتوجه الحديث لشيء آخر .. 
تتوجه الأحاديث لكل شيء إلا للقراءة
وبالرغم من أن أحاديثنا عن الدراسة والمستقبل لاينتهي ، _فهم مضرباً للطموح والعمل_
إلا انه نادراً ان ناقشنا يوماً كتاب !
لأننا للأسف لا نقرأ سوى مناهج الدراسة.. 
ربما تعوّدنا أن نقرأ كتب الدراسة فقط فهذا المهم !! 
والحقيقة أن كتب المناهج والدراسة لا تعطيك الكثير، إن كتاب مُلزمة بقراءته لا يُعد "قراءة" !!

كما يقول أنيس منصور  : أما الكتب التي تبقي فهى الكتب التي ليست مقررة علينا, أي التي تشتريها لتقرأها أثناء الاجازة, فنحن نقرؤها لأننا نريد ذلك وإذا قرأنا بكامل حريتنا وبلذة , نرى في هذه القراءة تأكيداً للذات وتنمية للشخصية."


يؤلم كثيرًا أن فتاة لاتقرأ..
كيف لفتاة لا تقرأ أن تقود حياة..أو أن تقود أُسرة... !
الكتب تغير تشكيلتك, سلوكك, طريقتك في التفكير , و إتخاذك لقراراتك
قيل أنه "إذا قرأت المرأة كتابًا فكأن زوجها قرأه والأولاد..
حين قامت الحضارة الغربية،كانت الحكومات في سباق لإنتشال شعوبها من الجهل والتخلف ..
 يبحثون عن كل طريقة ممكنة لنشر الوعي والتعلم والتقدم، فهموا أخيراً أن كل حياة جديدة تولد من رحم أنثى... كذلك الحضارات تبدأ منها..
لتنتشر في الصحف وأغلفة المجلات صور نساء يستفردون عضلاتهم ويقولون "نعم نستطيع !" 
ليدبّوا الحماسة والشغف في المرأة أولاً..حيث تبدأ الحضارات وتزدهر حين تُرِيد..


أنشتاين اللذي تعدت حدود معرفته الكثير 
يقول الشيء الوحيد اللذي عليك معرفته..هو معرفة الطريق إلى المكتبة !!"



مناهج الدراسة قد تحدد مصيرك الدراسي فقط 
بينما الكتب والقراءة تحدد مصيرك الحياتي..تحدد مستقبلك..وشكل أسرتك وشخصيات أطفالك
فمن "تعلمه الكتب..سهل عليه التعلم من الحياة على الأقل هو يعرفها مسبقاً" 
ولأن الأم القارئة تُنجب أطفالاً يقرأون.. 
كم يحب طفلها أن يسمع قصصها كل ليلة..كم يروقه أختيارها للكلمات.. 
تأخذه في كل مرة الى عوالم خيالية لا متناهية متأثرة بسلسلة كتب هاري بوتر 
-حتى مؤلفة هاري بوتر نفسها قالت مرة: " لا اؤمن بنوع السحر في كتبي، لكني اؤمن أن شيء ما سحري قد يحدث حين تقرأ كتاباً جيداً"-
ليكبر هذا الطفل يوماً  ويقرأ عن حياة بن باديس..ورحلات بن بطوطة..
عن علي عزت بيغوفيتش ليعلم " أن حتى السجن يفقد معناه حين نعيش فيه برفقة  كتاب" 
ليقرأ الرحيق المختوم لينهل من سيرته _صلى الله عليه وسلم_ 

 يقول العقاد "القراءة ليست من الكماليات أو شيء من الرفاهية، بل هي فريضة إسلامية..الم تسمع قوله تعالى (إقرأ)..هذا أمر!"
وقد قيل من لا يريد القراءة ليس أفضل ممن لا يستطيع!

اقرأي أي شيء..
تباً لكل من يقول لك الروايات لا تفيد 
اقرأي وحسب، اقرأي لمجرد القراءة 
بعد فترة ستكتشفين شغفك..وتكونين توجهاتك وآرائك الخاصة بك 
و إذا فرغت من قراءة آخر صفحة لكتاب،وشعرت حينها انك لم تستفيدي شيء... لا تهتمي
فيقول أحدهم بعد قضاء سنين في أحضان الكتب :  "أدركت أن كتابًا أقرؤه يتقسم،فيعزز لغتي،ويزيد معرفتي،ويهذب أخلاقي،ويُرَقِّي أسلوبي في الكتابة والحديث ولو لم أشعر "

 الإنترنت عالم زاخر بالكتب والمقالات المترجمة اللذيذة..
والكثير من المدونيين يكتبون عن قراءاتهم للكثير من الكتب وتقييمها..حتى عدد صفحاتها لتختاري مايناسبك

الأن كل ماعليك فعله هو القراءة !!


لا شيء أجمل من الإستيقاظ صباحاً بعد ليلة طويلة قضيتِها في القراءة...لا يمكنك الإنتظار لتغسلي وجهك حتى تعودي لتغوصي من جديد حيث توقفتي.. 
إهتمامك بالقراءة لايتعارض أبداً مع إهتماماتك المادية... كمتابعة أسبوع الموضة في نيويورك مثلاً و إنتظار حلقة من مسلسل (gossip girl)..
انها ليست حصراً على أصحاب القهوة السوداء 
ولا أولئك المتكوكمين في صومعتهم..
نسّقي كتبك كما تنسّقين مخدات أريتك..
إختاري كتابك كما تختارين أحمر شفاهك بعناية 
اوجدي مكان صغير داخل حقيبة (كيت سبيد) خاصتك هناك بجانب حقيبة المكياج الصغيرة لكتاب صغير...ستبدين أجمل !
خصصي وقت للقراءة وإن كان جدول مهامك مزدحم و أوراقك متكومة على مكتبك تنتظر منك ترتيبها 
وواجبات الدراسة متراكمة.. 
خصصي وقت للقراءة  لأنها " ساعة مسروقة من الجنة ، تلك التي تقضيها في القراءة "

اصنعي روتين عناية يتضمن "قراءة كتاب"   
ربما بعد حمام صابوني .. أو حتى أثناءه ! 
إجعلي القراءة كوقت إسترخاء 
وقت خاص بك 
بل هو وقت لك..ولأسرتك..وللأمة
فكما يقول بن بأديس 
"إذا علمت ولدًا فقد علمت فردًا، وإذا علمت بنتاً فقد علمت أمّـة"









  

No comments:

Post a Comment